الأردن ملاذ آمن للاستثمار
الأردن ملاذ آمن للاستثمار
لا يمكن الاستهانة بالتأثير الاقتصادي لوباء فيروس كورونا على المسرح العالمي. لأول مرة في التاريخ الحديث، عانى العالم بأسره من إغلاق عالمي قسري، مما أعاق خطوط الإمداد والتجارة الدولية والسفر.
كافحت عدة دول للتعامل مع هذا التأثير، مثل الولايات المتحدة، التي شهدت وصول معدلات البطالة إلى أرقام لا يمكن التغلب عليها. تضررت إيطاليا وفرنسا وإسبانيا بشدة، مما أدى إلى ركود في الاقتصاد، بينما شهدت الوجهات السياحية مثل تركيا وتايلاند وجزر المالديف تلاشي دخلها من السياح تمامًا.
الأردن أثبت أنه استباقي
أثبت الأردن، على الرغم من افتقاره نسبيًا للموارد مقارنة بنظرائه الغربيين، أنه استباقي تمامًا؛ حيث تم تطبيق قانون الطوارئ بسرعة فائقة الامر الذي أعاق انتشار فيروس كورونا في المرحلة الاولى.
في منتصف مارس، أعلن الأردن إغلاقًا كاملاً، مع وجود حالات قليلة جداً من المصابين بفيروس كورونا في البلاد. أدى هذا الاجراء إلى تسطيح منحنى الاصابة بفيروس كورونا، وانعكس ذلك في الأشهر التي تلت الاغلاق حيث شهد الأردن انخفاضاً ملحوظاً في عدد الإصابات بفيروس كورونا.
ومع ذلك، فإن هذا الإغلاق الكامل لم يستمر لفترة طويلة وذلك بهدف منع الانعكاسات الاقتصادية السلبية لمثل هذا الاجراء على المواطنين بشكل عام، في أبريل / نيسان، خففت الحكومة الأردنية القيود وفتحت قطاعات معينة يمكن أن تعمل في ظل ظروف أمان معينة.
في مايو، قررت الحكومة الأردنية العودة إلى الوضع الطبيعي والتوقف عن إجراءات الاغلاق الشامل، مع نشر عدد كبير من إرشادات السلامة للجمهور.
من الاستجابة للأزمات الى العوامل الاقتصادية
كان الاقتصاد الاردني، وكما هو الحال في العديد من البلدان الأخرى، معرضا لخطر الركود. تحركت الحكومة الأردنية بسرعة لضمان عدم حدوث ذلك. تم تخصيص مبلغ ضخم قدره 150 مليون دينار لمساعدة القطاع الخاص في التعامل مع محدودية الموارد، سواء كانت بشرية أو رأسمالية، والحفاظ على عملياته دون الحاجة إلى اللجوء إلى تقليص عدد الموظفين أو الإفلاس.
أطلقت المؤسسة الأردنية لتطوير المشاريع (JEDCO) بسرعة برنامجين للتخفيف من وطأة تأثير فيروس كورونا بقيمة 68 مليون لمساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة.
كما تم التركيز على القطاع الزراعي لما يشكله من جزء مهم في إمدادات الغذاء والتصدير للأردن، وعليه فقد سارعت الحكومة الأردنية أيضًا في معالجة هذه المسألة؛ من خلال تقديم قروض بقيمة 10 ملايين دينار للمزارعين بدون فوائد وفترة سماح مدتها خمس سنوات.
قام البنك المركزي الأردني وبالتنسيق مع المؤسسة الأردنية لضمان القروض بتوفير برنامج اقراضي إضافي للشركات الصغيرة والمتوسطة بسقف محفظة ائتمانية بلغت 500 مليون.
وقد شهد القطاع المصرفي، وهو أحد القطاعات الأكثر أهمية في الاقتصاد الاردني، تدفقاً للسيولة النقدية بقيمة 550 مليون دينار من خلال خفض نسبة الاحتياطي الإلزامي من 7٪ إلى 5٪، مما أتاح للبنوك مساحة أكبر للمناورة والمساعدة في جهود الإغاثة الاقتصادية.
عودة العجلة الاقتصادية للسوق الأردني والسيطرة على منحنى فيروس كورونا
بمجرد أن أعادت الحكومة الأردنية فتح جميع الوظائف في البلاد، وكذلك فتح حدودها للمقيمين والمواطنين القادمين من الخارج، كانت مسألة وقت حتى ظهرت المزيد من حالات الإصابة بفيروس كورونا.
وبالرغم من حدوث ما هو متوقع من ارتفاع في معدل الإصابات بفيروس كورونا، الا أن الحكومة الأردنية حافظت على عدد منخفض من حالات الإصابة بفيروس كورونا من خلال تدابير السلامة الصارمة والتتبع في الوقت المناسب لأي حالات تم العثور عليها. هذا وقد شهد شهرا أغسطس وسبتمبر زيادة في الحالات المصابة، الا لأنها لا تزال أقل بالمقارنة مع عدد الإصابات في الدول المجاورة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
مع استمرار البلدان المجاورة، وخاصة في دول مجلس التعاون الخليجي، في تسجيل عدد اصابات يومية مرتفع بالرغم من الاستمرار والإبقاء على لوائح إغلاق أكثر صرامة؛ يستمر الأردن في الازدهار الاقتصادي والطبي مع عدد أقل من حالات الاصابة مقروناً باقتصاد يعمل بكامل طاقته.
الأردن يبرز كوجهة استثمار آمنة
كدولة صغيرة أثبتت مرونتها وذكائها في العالم، قد يظهر الاقتصاد الأردني أقوى وأكثر ديناميكية بعد الوباء، مما يوفر للمستثمرين خيارًا قويًا للنظر في استثمارات آمنة ومربحة.
حيث من المتوقع أن تشهد مناطق مثل الولايات المتحدة ومنطقة اليورو انخفاضًا بنسبة 8٪ و10.2٪ في الناتج المحلي الإجمالي على التوالي، ومن المتوقع أن تنخفض معدلات الناتج المحلي الإجمالي لدول الخليج المزدهرة مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بنسبة 6.8٪ و6٪ على التوالي؛ وهذا الامر يطرح تحدي حقيقي على المستثمرين فيما يتعلق بتحديد وجهات الاستثمار المقبلة.
في المقابل من المتوقع أن يشهد الأردن انخفاضًا بنسبة 3.5٪ في الناتج المحلي الاجمالي، أي ما يقرب من نصف الانخفاض المتوقع لنظيره السعودي. الا أن الاختلاف الجوهري في هذه المقارنة يكمن في توافر القوى العاملة الوظيفية ووفرة خطوط الإمداد المفتوحة، مما يجعل الأردن وجهة مناسبة للشركات الجديدة في أكثر الأوقات غموضًا.
مع استمرار الحكومة في دعم النمو الاقتصادي مع الحفاظ على قيود الإغلاق الحالية والتي تعتبر بسيطة جداً، يسعى الأردن إلى النمو في وقت يحاول فيه بقية العالم البقاء.